الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: إعراب القرآن **
وقد تقدم بعض ذلك في عرض كلامنا. فمن ذلك قوله تعالى: " يعني ب " الذين ": الأصنام. والتقدير: إن الذين تدعونهم فحذف العائد. وقال: " يعني: الأصنام. أي: لا تسبوا الذين تدعونهم أي: يدعوهم المشركون ف الواو ضمير المشركين فحذف العائد. وقال: " يعني: الأصنام يدعونهم المشركون وهكذا: " لما وصفوا بالسجود والطاعة جاز جمعهم بالواو والنون وقوله: " فقد تقدم في هذا الكتاب. ومثل ما تقدم قوله: " وقال: " وقال: " فهذا بخلاف قوله: " فجاء في وصفهم مرة بلفظ العقلاء ومرة بلفظ غير العقلاء. وقال: " الحادي والثمانون باب ما جاء في التنزيل وظاهره يخالف ما في كتاب سيبويه وربما يشكل على البزل الحذاق فيغفلون عنه فمن ذلك قوله تعالى: " . . كراهية أن يجعل الصفة كالاسم إلا أن يضطر شاعرهم. وهذا يدلك على أن النسابات إذا قال: ثلاثة نسابات تجىء كأنه وصف لمذكر لأنه ليس موضعا تحسن فيه الصفة كما يحسن الاسم فلما لم يقع إلا وصفا صار المتكلم كأنه قد لفظ بمذكرين ثم وصفهم بها. وقال الله تعالى: " وفي التنزيل: " وقد تقدم نبذ من هذا في هذه الأجزاء. ومن ذلك ما أجمع عليه الفراء غير نافع وأبي عامر. في قوله: " وقد قال سيبويه: واعلم أن النصب بالفاء والواو في قوله: إن تأتني آتك وأعطيك ضعيف وهو نحو من قوله: وألحق بالحجاز فأستريحا فهذا يجوز وليس بالجيد إلا أنه في الجزاء أمثل قليلا لأنه ليس يوجب أنه يفعل إلا أن يكون من الأول فعل فلما ضارع الذي لا يوجبه كالاستفهام ونحوه أجازوا فيه هذا على ضعفه وإن كان معناه كمعنى ما قبله إذ قال: ولا أعطيك وإنما هو في المعنى كقوله: أفعل إن شاء الله فأوجب بالاستثناء. قال الشاعر فيما جاء منصوبا بالواو في قولك: إن تأتني آتك وأعطيك: ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى مصارع مظلومٍ مجراًّ ومسحبا فإنما نصبوا الميم في ويعلم ولم يكن قبيحا كما ذكره سيبويه لأنه مع جواز النصب تأتي فيه تبعية اللام ألا ترى أن اللام مفتوحة فاجتمع فيه سببان فحسن ما لم يحسن مع سبب واحد. ومن ذلك قوله تعالى: " ومن ذلك قراءة العامة: " قرأها غير ابن كثير بحذف الياء في الوقف والوصل. وقد قال سيبويه في الوقف: فإذا لم يكن في موضع تنوين فإن الإثبات أجود في الوقف وذلك قولك: هذا القاضي وهذا العمى لأنها ثابتة في الوصل. ومن العرب من يحذف هذا في الوقف شبهوه بما ليس فيه ألف ولام إذ كانت تذهب الياء في الوصل في التنوين لو لم تكن الألف واللام. قلت: وإنما حذف الجماعة الياء من قوله: " ومن ذلك قراءة العامة نحو: منه وعنه بغير إشباع غير ابن كثير فإنه أشبع. وقد قال سيبويه: فإن لم يكن قبل هاء التذكير حرف لين أثبتوا الواو والياء في الوصل نحو: منه فاعلم وقد يحذف بعض العرب الحرف الذي بعد الهاء إذا كان ما قبل الهاء ساكنا لأنهم كرهوا حرفين ساكنين بينهما حرف خفي نحو الألف وكما كرهوا التقاء الساكنين في أين ونحوها كرهوا ألا يكون بينهما حرف قوي وذلك قول بعضهم: منه يا فتى و أصابته جائحة. قال: والإتمام أجود لأن هذا الساكن ليس بحرف لين والهاء حرف متحرك. فتراه رجح قراءة ابن كثير على قراءة العامة ألا ترى أن العامة يقرءون: " ومن ذلك ما رواه العامة في اختلاف الهمزتين عن أبي عمرو نحو: " يا زكريا إنا " و " السفهاء ألا " فإنهم لينوا الثانية وخففوا الأولى وسيبويه روى عنه عكس ذلك. وقد تقدم في هذه الأجزاء هذا الفصل. ومن ذلك قول سيبويه: إن أبا الخطاب زعم أن مثله قولك: للرجل: سلاما وأنت تريد: تسلما منك كما قلت براءةً منك تريد: لا ألتبس بشيء من أمرك. وزعم أن أبا ربيعة كان يقول: إذا لقيت فلانا فقل سلاما فزعم أنه سأله ففسر له معنى: براءة منك وزعم أن هذه الآية " لأن الآية فيما زعم مكية ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين ولكنه على قولك: براءةً منكم وتسلما. في كتاب أبي بكر بن السراج: هذا غلط وإيضاح هذا ووجهه أنه لم يؤمر المسلمون يومئذ بقتال المشركين إنما كان شأنهم المتاركة ولكنه على قوله براءة. ومن ذلك قوله تعالى على قراءة من قرأ: " وقد قال سيبويه: إن هذا العدد أعنى مائة إلى الألف يضاف إلى المفرد دون الجمع. وإنما جاء هذا هكذا تنبيها على أن الأصل أن يضاف إلى الجمع وإن جاء الاستعمال بخلافه. وكقوله: " ومن ذلك قراءة من قرأ: " يعني إن و في ألا ترى أنه جر قوله " واختلاف " بالعطف على " آيات " المنصوبة ب أن وجاز هذا لأنه ذكرت آيات ثانية على سبيل التكرير والتوكيد ألا تراه لو قال: " ومن ذلك ما جاء من قوله تعالى: " وقد قال سيبويه: أزيد أنت رجل تضربه لأن الصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف. فإذاً يجب حمل قوله كم على فعل يفسره " وقد تقدمت هذه المسألة. ومن ذلك قوله: " أي: كتاب كريم بأن لا تعلوا على. وقد قال سيبويه الفصل بالوصف بالصلة والموصول لا يجوز فإذا وجهة أن يكون التقدير إن هو أن لا تعلوا على فتحمل أن على خبر ابتداء مضمر. ومن ذلك قوله تعالى. " ووجه الآية أن " أسباطا " بدل من اثني عشرة وليس تميز والمميز محذوف والتقدير " اثنتى عشرة فرقة " ومن ذلك الكلام الطويل في الحذف من الصلة والصفة والخبر فحسن الحذف من الصلة نحو: " وألحق الحذف من الصفة بالحذف من الخبر فاستثقله ولو لم يكثر عنده كثرة حذفه من الصلة فاسمع إن شئت ما جاء في التنزيل من حذف ذلك في الصفة. قال الله تعالى: " وقال: " وقال: " وقال: " فهذا ما جاء في الصفة ويعرض غيره هناك وإن شئت فاسمع حذفه من الخبر أيضا. وقال: " وقال: " وقال: " وقال: " واسمع في قوله: " ومن ذلك قوله تعالى: " وقوله: " ومنه: " وقوله: " ظاهر هذه الآي أنه وضع الظاهر موضع المضمر ألا ترى أنه قال في الأولى: " وكذلك في الآي بعدها تقديره " إنا لا نضيع أجرهم " فوضع الظاهر موضع المضمر. وقد قال: وتقول: ما زيد ذاهبا ولا محسنٌ زيدٌ الرفع أجود وإن كنت تريد الأول لأنك لو قلت: ما زيد منطلقا زيد لم يكن حد الكلام وكان ها هنا ضعيفا ولم يكن كقولك: ما زيد منطلقا هو لأنك قد استغنيت عن إظهاره وإنما ينبغي لك أن تضمره ألا ترى أنك لو قلت: ما زيد منطلقا أبو زيد لم يكن كقولك: ما زيدٌ منطلقا أبوه لأنك قد استغنيت عن إظهاره فلما كان هذا كذلك أجرى مجرى الأجنبي واستؤنف على حياله حيث كان ضعيفا فيه. وقد يجوز أن تنصب. قال سوادة بن عدي: لا أرى الموت يسبق الموت شيء نغص الموت ذا الغنى والفقيرا فأعاد الإظهار. وقال الجعدي: إذا الوحش ضم الوحش في ظللاتها سواقط من حرٍّ وقد كان أظهرا والرفع فيه الوجه. قال أبو الحسن: النصب في لغة أهل الحجاز لا يكون غيره في قوله: ما زيد منطلقا زيد لأنك إن جعلت زيدا بمنزلة الأجنبي لم يكن كلاما فأنت إذا أعدت زيدا فكأنك قلت ما زيد منطلقا هو ولا يكون على غير ذلك في لغة أهل الحجاز وإنما رفعت ولا يسيء معن على الإبتداء وعلى لغة بني تميم لأنك إذا قلت: ما معن بتارك حقه استغنى الكلام. قلت: فالآية الأولى محمولة على إضمار به أي: ثم جاءكم به والآي الأخر محمولة على إضمار منهم أي: إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا منهم وأجر المصلحين منهم وأجر المحسنين منهم. فأما قوله: " وهو الذي " فليس على: " وهو الذى في السماء هو " فوضع الظاهر موضع المضمر ولكن على حذف المبتدأ وهو: الذي هو في السماء في السماء إله فحذف هو لطول الكلام وليس هذا كقوله تعالى: " وقال: " ولا يصلح الاستدلال به في قيامه مقام الفعل لأن الموصولة توصل بالجملة ألا ترى استمرار حذف هو في أيهم أشد. فهذا ما حضرنا الآن فإن وقع لي فصل بين وأيهم فيما بعد والرجوع نبهتك على ذا إن شاء الله. ومن ذلك قوله تعالى: " وقالوا: إنه مجزوم بالعطف على " يعلم الله ". وهذا الإجماع هنا مخالف لما جاء في قوله: " فأما قوله تعالى: " فأما قوله تعالى: " إن التقدير: أنت الهالك فحذف الخبر. وقال: ولا يكون على أن تضمر هذا لأنك تشير للمخاطب إلى نفسه ولا يحتاج إلى ذلك وإنما تشير له إلى غيره ألا ترى أنك لو أشرت له إلى شخصه فقلت: هذا أنت لم يستقم. وقال في حد الإضمار فصلا طويلا: " حدثنا يونس تصديقا لقول أبي الخطاب أن العرب تقول: هذا أنت تقول كذا وكذا ولم ترد بقولك: هذا أنت أن تعرفه نفسك كأنك تريد أن تعلمه أنه ليس غيره هذا محال ولكنه أراد أن ينبهه كأنه قال: الحاضر عندنا أنت والحاضر القائل كذا وكذا أنت ". وإن شئت لم تعدها في هذا الباب. قال الله تعالى: " وإذا صرنا إلى ذلك بينا. ثم صار إلى ذلك الموضع قال: والذي حكاه أبو الخطاب عن العرب من قوله: هذا أنا وأنا هذا هو في معنى: ها أنا ذا ولو ابتدأ إنسان على غير الوجه الذي ذكرناه فقال: هذا أنت وهذا أنا يريد أن يعرفه نفسه كان محالا لأنه إذا أشار إلى نفسه فالإخبار عنه ثابت لا فائدة فيه لأنك إنما تعلمه أنه ليس غيره ولو قلت: ما زيد غير زيد وليس غير زيد كان لغواً لا فائدة فيه وإذا قلت: هذا أنت والإشارة إلى غير المخاطب جاز وبمعناه: هذا مثلك كما تقول: زيد عمرو على معنى: زيد مثل عمرو. والذي حكاه يونس عن العرب: هذا أنت تقول كذا وكذا هو مثل قوله: " والوجه الآخر في قوله: " ثم والكوفيون يزعمون أن التقدير: ثم أنتم تقتلون ابتداء وخبر و " هؤلاء دخل للتقريب. ويجوز أن يكون " هؤلاء " بمعنى الذين أي: الذين تقتلون أنفسكم كما جاز: أنت الذي فعلت. وقد ذكرنا أنه لا يحمل على: ثم أنتم يا هؤلاء لأنه يقال: يا أي هؤلاء والأمر موقوف بعد. وإن راجعنا مرة أخرى فربما يتضح لك أكثر من هذا إن شاء الله. ومن ذلك قراءة من قرأ: " وقوله: " وقد قال في الكتاب: لو قلت: مررت برجل سواء أبوه وأمه ومررت برجلٍ خير منك أبوه وأمه فتجريه على الأول وتحمله ي الثاني كان قبيحا وهي لغة رديئة قال: والوجه الرفع. انتهت الحكاية عنه. ومعاذ الله أن تحمل قراءة بعض الأئمة على اللغة الرديئة لا سيما وهم من السبعة. والوجه في ذلك أن تجعل سواء. الذي هو مصدر. بمعنى الفاعل أي: مستويا فيه العاكف والبادي ومستويا محياهم ومماتهم قال: وهل كفلائي في الوفاء سواء أي مستوون لولا ذلك لم يقدم الجار عليه ولما كان الأمر في نصب سواء كما زعمه سيبويه نصب من نصب " ومن ذلك ما روى عن أبي عمرو. " بإدغام الحاء في العين بعد إجماعهم على إظهار عنهم. قال أحمد: وذلك لكثرة الحروف في " وروى عنه إدغام " قال سيبويه: ومما قالت العرب تصديقا لهذا في الإدغام قول بني تميم محم يريدون: معهم ومحاؤلاء يريدون: مع هؤلاء ومما قالت العرب في إدغام الهاء مع الحاء قوله: يريدون: ومسحه العين مع الحاء كقولك: أقطع جملا الإدغام حسن والبيان حسن لأنهما من مخرج واحد ولم تدغم الحاء في العين امدح عرفة لأن: الحاء قد يفزعون إليها إذا وقعت الهاء مع العين وهي مثلها في الهمس والرخاوة ومع قرب المخرجين. فأجريت مجرى الميم مع الباء فجعلتها بمنزلة الهاء كما جعلت الميم بمنزلة النون مع الباء ولم تقو العين على الحاء إذ كانت هذه قصتها. وهما من المخرج الثاني من الحلق وليست حروف الحلق بأصل في الإدغام ولكنك لو قلبت العين حاء فقلت: في امدح عرفة: امد حرفة جاز كما قلت: اجبحنبة تريد: اجبه عنبة حيث أدغمت وحولت العين حاء. ثم أدغمت الهاء فيها.
من أي قسمة هي فمن ذلك قوله تعالى: " قيل: هي استفهام. وقيل: هي نفي. ونظيره في الأخرى: " ومن ذلك قوله: " قيل: ما نفي وكرر " يتبعون ". والتقدير: ما يتبعون إلا الظن. و " شركاء " منتصب. مفعول " يدعون " أي: ما يتبع داعو شركاء إلا الظن. وقيل: ما استفهام. أي: أي شيء يتبع الكافرون الداعون وقيل: ما بمعنى الذي. أي: لله من في السموات ومن في الأرض ملكا وملكا والأصنام التي تدعوهم الكفار شركاء. ف ما يريد به الأصنام وحذف العائد إليه من الصلة. و " شركاء " حال. ومن ذلك قوله: " قيل: ما بمعنى الذي. وقيل: ما نافية. فحينئذ يكون الابتداء بهما أولى. فأما قوله قبل الآية: " وقيل: هي مصدرية على تقدير: تبرأنا إليك من عبادتهم إيانا فيكون الجار محذوفا. والأول الوجه. ومن ذلك قوله: " وقرأ: " وما عملت أيديهم ". فمن حذف الهاء كان ما نفيا ومن أثبت كانت موصولة محمولة على ما قبله أي: من ثمره ومن عمل فأما قوله تعالى: " فقيل: التقدير: كانوا يهجعون قليلا. و ما صلة زائدة. وقيل: بل هي مصدرية أي: كانوا قليلا يهجعونهم. وقيل: نفي. وقد تقدم ذلك. وأما قوله: " قرئ بالرفع والنصب. فمن قرأها بالرفع كانت ما بمعنى الذي. أي: إن الذين اتخذتموهم أوثانا من دون الله مودة بينكم. ومن نصب كانت ما كافة ويكون " أوثانا " مفعولا أول ويكون " وأما قوله: " وقيل: " ما " بمعنى: من أي والسماء وخالقها والأرض وداحيها ونفس ومسويها. نظيره: " قيل: من طاب لكم. وقيل: ما يلحق هذا الحنس. فأما قوله: " فحمله الفارسي على أنها موصولة قياساً على مذهب سيبويه حين زعم أن الظرف لا يبنى على كلمة الشرط. فقال: إذا قلت: إن عندنا رجل إن زيد أو عمرو. والتقدير: إن كان زيد. ولم تقدر: إن عندنا زيد. ثم رأيت لعثمان وهو يتكلم على شبه الظرف بالفعل في قوله: ففينا غواشيها فزعم أنالظرف كالفعل حيث عطفه على الفعل في قوله " تقاسمهم " ثم قال: ألا تراه قال: " ولا أدري أنسي قول سيبويه وقول صاحبه في قوله: " وأما قوله: " لمكان " من " من قوله: " من شيء ". وحمله آخرون على " الذي ". ومثله: " وأما قوله تعالى: " فقيل: ما بمعنى الذي معطوف على " خطايانا ". وقيل: " ما " نافية والتقدير: ليغفر لنا خطايانا من السحر ولم يكرهنا عليه. فتكون ما نافية فيه تقديم وتأخير. وأظنني قدمت هذه الآية. ومثله: " أي: من استمتعتم به منهن. ومثله: " في الموضعين يعنى: الله. وحكى أبو زيد: سبحان ما سحركن. وأنشد لأبي دواد: سالكاتٍ سبيل قفرة بدا ربما ظاعنٌ بها ومقيم أي: رب إنسان هو ظاعن بها إنسان هو مقيم بها ف ما جر ب رب ووصفها بالجملة كما تقول: رب رجلٍ أبوه مقيم.
من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى المتكلم ومن ذلك قوله تعالى: " الحمد لله " ثم قال: " إياك نعبد ". وقال: " وقال: " وهو كثير في التنزيل والأصل في الكلام البداية بالمتكلم ثم بالمخاطب ثم بالغيبة. قال الله تعالى: " فقدم المخاطب على الغيبة. فبنوا على هذا فقالوا: الوجه في الكلام: أعطانيك وأعطاكني لا يجوز وأعطيتكها وأعطيتكهوك قبيح ومع قبحه قول يونس. واحتج في ذلك قارئهم بقول القطامي: أبلغ ربيعة أعلاها وأسفلها أنا وقيساً تواعدنا لميعاد فأخبر عن المتكلم دون الغيبة وهو قيس. والمبرد يقوى قول يونس في القياس ويجعل إضمار الغائب والمتكلم والمخاطب في التقديم والتأخير سواء ويجيز: أعطاهوك و: أعطاهوني و: أعطاكني ويستجيزه ويستحسنه في: منحتني نفسي. وسيبويه لا يجيز شيئا من ذلك إلا بالانفصال نحو: أعطاك إياك و: أعطاها إياك و: أعطاه إياكما و: أعطاها إياكما و: أعطاك إياي. وهذا الذي ذكره المبرد ليس بالسهل لأن ضمير المتكلم أقرب ثم المخاطب ثم الغائب. وقد رأيت غير سيبويه يجيز بين المتصل والمنفصل وغيرهما في: أعطيتكه و: أعطيتك إياه لأن المفعول الثاني ليس يلاقي الفعل ولا يكترث به. وأجاز سيبويه: أعطاك إياك. وتصحيحه لا يقوى ذلك لأن تعلق المفعولين بالفعل من بابا واحد واختلاف المفعولين في ترتيبهما ليس مما يغير حكم تعليقهما بالفعل وعمل الفعل فيهما. ولقائل أن يقول: ما الذي أنكر سيبويه من: منحتيني وهل سبيل منحتيني: إلا سبيل أعطاهوها وهو مستحسن قيل له: المنكر من منحتيني عند سيبويه أن في الثانية يؤخر ما هو حقه التقدم على كل ضمير وليس كذلك أعطاهوهما.
|